الاستهداف الصهيوني للعائلات الفلسطينية في حرب الفرقان 2009م - page 66

66
نســاء وأطفــال وشــباب تكدســوا فــي غرفتيــن منفصلتيــن- كمــا أمرهــم الجيــش- حينهــا كنــت وســتة مــن
الصغيــران
َّ
أشــقائي نصطــف بجانــب والدتــي وحولنــا العديــد مــن النســوة الهاربــات، فيمــا كان شــقيقي
يحتميــان بوالــدي “وائــل” فــي غرفــة تعــج بالـــذكور.
كانـت الحـرب طاحنـة خـارج المنـزل, وخيـم الصمـت علـى المـكان, فلـم يكـن أحـد يجـرؤ علـى النظـر إلـى
الخـارج عبـر نوافـذ البيـت، لكـن سـرعان مـا أصابهـم الفـزع، حيـن سـقطت قذيفـة مدفعيـة علـى المنـزل،
فأصابــت مــن أصابــت مــن الرجــال, “معرفنــاش ايــش نعمــل ..صرخنــا ..رحنــا نجــري بعيــد عــن مــكان
القذيفـة”, وتعالـى عويـل النسـاء مـع تصاعـد الدخـان الـذي خلفتـه القذيفـة، فسـقطت قذيفتـان علـى ذات
البقعـة مـن المنـزل.
أخذنـا نصـرخ ونصيـح لكـن جنـود الاحتـ ل المنتشـرين فـوق المبانـي كانـوا يضحكـون, “ايـش عملنالهـم
مـش عرفين..ايـش ذنبنـا إحنـا علشـان يصيـر فينـا هيـك مـش حـرام عليهـم”.
:
127
“ماجد السموني” يروي
عشـت تجربـة فريـدة مـن نوعهـا، فلـم أعـرف مـاذا أفعـل لمسـاعدة زوجتـي علـى الـولادة بعـد كسـر سـاقها
لعــون الصليــب الأحمــر الدولــي,
ً
نتيجــة القصــف الإســرائيلي، غيــر الاتصــال علــى زوجــة خالــي طلبــا
إ سـعاف أطفالـي وأطفـال أخوتـي المصابيـن بشـظايا القذائـف
ومعرفـة كيفيـة قطـع الحبـل السـري لطفلتـي، و
الإســرائيلية، فلــم تتمكــن فــرق الإســعاف مــن الوصــول إلينــا بســبب المنــع الإســرائيلي لفــرق الصليــب
الأحمــر الدولــي مــن الدخـول إلــى المنطقـة.
وطفلــة، ولــم أكــن أعــرف مصيــر والــدي، فقــد وصــل إلــى منطقتنــا عــدد كبيــر مــن
ً
وأنــا أب لــ41 طفــ
ــز وقــوي للبحريــة والطيــران، وأحــاط ببيوتنــا حوالــي 001 جنــدي مــن
َّ
رك
ُ
الدبابــات، وســبقها قصــف م
المشـاة، وطلبـوا مـن أصحـاب بيـوت “الزينكـو” الانتقـال إلـى البيـوت الإسـمنتية، وقامـوا بنسـفها، وقـد طـال
القصـف جميـع البيـوت فـي المنطقـة، وعشـنا ليوميـن بـ طعـام ولا مـاء، مـع أبنائنـا الجرحـى وهـم ينزفـون.
بقينــا علــى تلــك الحــال منــذ بدايــة الاجتيــاح البــري، والــذي بــدأ مســاء يــوم الســبت، وأطفالنــا يصرخــون
مـن الألـم بسـبب الجـروح التـي أصيبـوا بهـا، حتـى وصلنـا إلـى مرحلـة لـم نسـتطع فيهـا الاحتمـال فقررنـا
برفــع الرايــات البيضــاء ومغــادرة
ً
الخــروج مــن البيــت، ونحــن نعــرف أن المــوت ينتظرنــا، وأخذنــا قــرارا
البيــوت حفــاة، حتــى أن بعضنــا لبــس ملابــس صيفيــة حتــى لا يثيــر شــبهة لــدى جنــود الاحتــ ل.
حمــل عشــرة أشــخاص منــا الرايــات البيضــاء فــي المقدمــة، فأوقفهــم جنــود الاحتــ ل وعصبــوا عيونهــم
وربطــوا أيديهــم، وبعدهــا كشــفوا عيونهــم وأطلقــوا ســراحهم، وعندمــا تقدمنــا بالســير إلــى الأمــام، قامــوا
بإطــ ق النــار علينــا، وســقط واحــد منــا علــى الأرض نتيجــة إصابتــه برصاصــة فــي رجلــه، فحاولنــا
مسـاعدته فتلقينـا تهديـدات مـن جنـود الاحتـ ل، الذيـن قامـوا بإطـ ق النـار عليـه مـن جديـد فتركنـا جثتـه
علــى الأرض ومضينــا.
بـه مـن خراب
َّ
مشـينا حوالـي نصـف كيلومتـر فـي الشـارع الـذي لـم نتعـرف علـى ملامحـه مـن هـول مـا حـل
شــبرا، ســرنا حفــاة علــى الزجــاج وشــظايا القذائــف,
ً
بفعــل القصــف والدبابــات، ورغــم أننــا نحفظــه شــبرا
وكانــت ضحــكات جنــود الاحتــ ل ورصاصهــم تلاحقنــا، وكنــا نحمــل أطفالنــا الجرحــى والدمــاء تســيل
مـن أرجلنـا، ولـم نكـن نشـعر بألـم الجـراح فـي أرجلنـا مـن شـدة الخـوف والرعـب الـذي زرعـوه فينـا, حتـى
-مقابلة مع «ماجد السموني» يوم الخميس 9002/10/22م, في حي الزيتون، شرق مدينة غزة.
127
1...,67,68,69,70,71,72,73,74,75,76 56,57,58,59,60,61,62,63,64,65,...253
Powered by FlippingBook