الاستهداف الصهيوني للعائلات الفلسطينية في حرب الفرقان 2009م - page 68

68
هونــا نحــو الجــدران, وبقيــت ومــن معــي مــن
َّ
وقــام الجنــود بوضــع عصبــة علــى أعيننــا وكبلــوا أيدينــا ووج
علـى تلـك الحـال، لا نـدري مـاذا يجـري خـارج عتبـات المنـزل الـذي اتخـذت
ً
كامـ
ً
أبنـاء عمومتـي يومـا
لاسـتطلاع عزبـة السـموني الزراعيـة.
ً
قـوات الاحتـ ل منـه مقـرا
بعضــا مــن المحاصريــن كانــوا يخشــون مــن تنفيــذ قــرارات إعــدام بحقهــم، خاصــة مــن كان يفهــم اللغــة
العبريـة, حقيقـة كنـا نخشـى مـن محاولـة إعدامنـا، لاسـيما أن الضابـط العسـكري كان يعطـي أوامـر للجنـد
بـألا يرحمـوا أحـدا, وكان يقـول: “اقتلوهـم دعوهـم يموتـوا”.
وعقــب ســماعنا صــوت خمســة صواريــخ تســقط بالقــرب منــا، اندفــع صــراخ امــرأة “الحقونــا ..الحقونــا”،
إ لا ســنعدم.
وحينهــا أصبحنــا نتخبــط، لكــن الجنــود الإســرائيليون أمرونــا بالتــزام الصمــت و
وفجـأة أدخـل الجيـش علينـا اثنيـن مـن أبنـاء عمومتنـا وهـم “موسـى” و “ميسـاء”، الذيـن نجيـا بأعجوبـة
مـن القذائـف التـي توالـت علـى بيـت العائلـة القريـب.
دخلــوا علينــا مصابيــن بحالــة هســتيريا وكانــا يتخبطــان, وبالــكاد اســتطاع “موســى” أن يلتقــط أنفاســه
ــر، وأن أرواح مــن فيــه معلقــة بيــن الحيــاة والمــوت بعــد أن ســقطت
َّ
م
ُ
ويخبرنــا بــأن منــزل العائلــة قــد د
الصواريــخ عليــه.
النحيـب
َّ
فـي تلـك اللحظـة فجعنـا نحـن المحاصريـن مـن أبنـاء العائلـة بمـا جـرى لأبنـاء عمومتنـا، فـدب
والصـراخ فـي المـكان، ممـا دفـع بالضابـط الإسـرائيلي بإعطـاء أوامـره للجنـود بإتاحـة المجـال لنـا بمغـادرة
المنـزل وذلـك بعـد رفـع علـم أبيـض، مـع عـدم الالتفـات إلـى الخلـف، والانطـ ق نحـو الطريـق الشـرقي
ى بشـارع صـ ح الديـن.
َّ
المسـم
وبــدأ أفــراد العائلــة بالاتصــال بالصليــب الأحمــر الدولــي لطلــب النجــدة, لكــن جميــع محاولاتنــا بــاءت
بالفشــل، خاصــة بعــد أن أخبرنــا الصليــب بــأن نقــل المصابيــن والشــهداء يحتــاج إلــى تنســيق مــع قــوات
. ً
مشــددا
ً
أمنيــا
ً
الاحتــ ل، وأن الأخيــرة ترفــض الســماح لهــم بدخــول المنطقــة التــي فــرض عليهــا طوقــا
ثـ ث أيـام وأفـراد العائلـة يبذلـون كافـة المسـاعي لإسـعاف مـن ظـل علـى قيـد الحيـاة مـن المصابيـن, مـع
أنـه لـم يكـن لدينـا علـم حينهـا بعـدد المصابيـن أو حتـى الشـهداء, وبعـد ثلاثـة أيـام مـن المجـزرة اسـتطاع
الصليــب الأحمــر إنقــاذ حيــاة ثــ ث أطفــال كانــوا يجلســون بيــن الجثــث المخضبــة بالــدم, ووجدوهــم
مــن البنــدورة وبعــض فتــات الطعــام.
ً
يطعمــون بعضهــم البعــض قطعــا
ُّ
فيمـا نقـل الإسـعاف جثـث سـبعة شـهداء، وتسـعة مـن المصابيـن مـن أبنـاء العائلـة كانـت لا تـزال تـدب
فيهـم الـروح، إلا أن سـلطات الاحتـ ل لـم تسـمح بإخـراج باقـي الجثـث.
بعــد أن وضعــت الحــرب أوزارهــا، صبــاح الثامــن عشــر مــن ينايــر، هرعنــا لاســتخراج الجثــث، وكانــت
ــويت بــالأرض, وأشــ ء الجثــث متناثــرة بيــن
ُ
الفاجعــة بالنســبة لنــا عظيمــة، حيــث وجدنــا منازلنــا قــد س
أركان الـركام وتحتـه، حملنـا معاولنـا وجئنـا بالجرافـات لنبـش الأنقـاض واسـتخراج الجثـث، ولـم يتبـق لنـا
بيــدت”.
ُ
شــيء، حتــى الــدواب أ
1...,69,70,71,72,73,74,75,76,77,78 58,59,60,61,62,63,64,65,66,67,...253
Powered by FlippingBook