62
أرمــي أمــي لكنــي آثــرت المــوت فــي تلــك اللحظــة علــى أن أتــرك أمــي، وواصلنــا المســير حتــى وصلنــا
إلــى وســط حــي الزيتــون، وهنــاك كانــت ســيارات الإســعاف بانتظارنــا فحملــت جرحانــا ونقلتهــم إلــى
المستشــفى,أما بالنســبة إلــى أختــي “أمــل” (8أعــوام) فقــد وصلــت إلــى المستشــفى بعــد أن تمكنــت فــرق
الإنقــاذ مــن انتشــالها مــن تحــت الــركام.
مـر عـن بكـرة أبيـه، ولـم يتبـق منـه إلا كومـة
ُ
وبعـد انتهـاء الحـرب عـدت إلـى المنطقـة فوجـدت منزلنـا قـد د
مـن قضبـان الحديـد الملتويـة والحجـارة.
لــم أتمكــن مــن دفــن والــدي إلا يــوم الأحــد، فالمقابــر فــي غــزة مليئــة, ولا يوجــد اســمنت فــي غــزة, نظــرا
ـرض علينـا, فاضطـررت لفتـح قبـر قديـم للعائلـة ودفنـت والـدي إلـى جانـب جثـة
ُ
للحصـار الطويـل الـذي ف
أخـرى”.
:
120
شقيقه “فهد” (٩١عاما) يروي
«خرجنـا مـن البيـت للشـارع، لـم يكـن هنـاك سـوى جنـود غاضبيـن يطلقـون النـار فـي كل اتجـاه، حملـت
أخــي «أحمــد» لأن أمــي تعبــت بســبب الإصابــة ووصلنــا إلــى منــزل أحــد أقاربنــا فــي شــارع صــ ح
الديــن... لكــن «أحمــد» استشــهد وأخفينــا الخبــر عــن أمــي وقلنــا لهــا إنــه فــي غيبوبــة.
لقـد عشـنا ليلـة مرعبـة حيـث كان الجميـع يصـرخ، وكانـوا يطلقـون النـار علينـا كلمـا سـمعوا صوتنـا, وكنـا
أكثـر مـن ٠٩ شـخصا داخـل البيـت.
رفعنــا ملابســنا الداخليــة البيضــاء (الفانيــ ت) كرايــات ســ م وخرجنــا مجازفيــن، وكنــا مــا نــزال علــى
بعــد ٠١ أمتــار عندمــا قصفــوا المنــزل بصــاروخ، اتصلنــا بالإســعاف والصليــب الأحمــر فقالــوا إنهــم لا
يســتطيعون التحــرك لأن المنطقــة خطيــرة.
واستشــهد عمــي “طــ ل” وزوجتــه وابــن عمــي وزوجتــه وأولاده وأولاد ابــن عمــي إبراهيــم وعمــي “رشــاد”
وزوجتــه ونجليــه “توفيــق” و”وليــد””.
:
121
«أمل عطية السموني « (8أعوام) تروي
لا شــيء يســتطيع أن يمحــو مــن ذاكرتــي صــور المــوت والخــراب، فقــد فقــدت شــقيقي, إلا أننــا ســنظل
ـا
ّ
صامديـن, «بيفكـروا يعنـي حنتنـازل؟..لا مـش حنتنـازل عـن أرضنـا, بدنـا نعيـش زي أولاد العالـم, مهم
عايشــين، أبــوي مــزارع مقصفــش حــد ولا طــخ علــى حــد علشــان يقصفــوه هيــك ويقتلــوا أخواتــي, شــفنا
الصغـار مقتلين..»محمـد» ابـن عمـي «حلمـي» عمـره خمـس أشـهر، أخـذ طلقـة ناريـة برأسـه..ايش ذنبـه,
وايـش ذنبنـا إحنـا نـروح نقـول للنـاس أعطونـا أواعـي نلبس..طلعنـا مـن بيتنـا بـدون لبـس, حتـى مدارسـنا
قصفوهـا, إحنـا سـاكنين بخيمـة, كيـف ننسـى؟ مسـتحيل ننسـى...».
- مقابلة مع «فهد عطية السموني» ، يوم الخميس 9002/10/22م, في حي الزيتون، شرق مدينة غزة.
120
- مقابلة مع «أمل عطية السموني» ، يوم الخميس 9002/10/22م, في حي الزيتون، شرق مدينة غزة.
121
