الاستهداف الصهيوني للعائلات الفلسطينية في حرب الفرقان 2009م - page 57

57
الأطفال في حضن الذكريات:
«بثينة السيلاوي» «أم أحمد» (73عاما)، تروي اللحظات الأخيرة مع طفلها الشهيد هاني، فتقول:
ونحـن نتنـاول طعـام الغـداء، كان «هانـي» يـردد: «يـا رب نستشـهد يـا رب مثـل الشـهيد نـزار ريـان»،
فـي الجنـة؟،
َ
وبـدأ يسـألني:« كيـف تدخـل عائلـة ريـان إلـى الجنـة يـا مامـا؟، وهـل يصبـح أولاده عصافيـر
علـى هـذا الحديـث، فقلـت:» وأنـت حبيبـي سـتقف علـى بـاب الجنـة وتأبـى
ً
تفاعلـت معـه لأنـه كان مصـرا
الدخـول, وسـتقول للملائكـة سـأنتظر أبـي وأمـي وندخـل سـويا, فوقـف هانـي بوثـوق، وكأنـه يقـول:» أنـا
لهـا يـا أمـاه».
بعدهــا جلســنا لنتابــع الأخبــار عبــر التلفــاز، فــإذا بطفلــي يــردد: «يــا رب، يــا رب استشــهد أنــا وأنــت يــا
حتــى تأتينــا الشــهادة، فأجــاب: « أنــت حــرة يــا أمــي، أمــا أنــا فأريدهــا»، وقبــل
ً
مامــا», فقلــت لــه مهــ
ـن مـع الإمـام، ويطلـب مـن إخوتـه أن
ِ ّ
صـ ة المغـرب ونحـن نسـتمع إلـى الدعـاء مـن التلفـاز، صـار يؤم
يفعلـوا مثلـه, ثـم حـدق فـي إخوتـه، وسـبقهم إلـى المسـجد بانتظـار أن يلحقـوا بـه، فلـم يعـد إلا كمـا تمنـى..
شـهيدا».
4- عائلة المسامحة :
عائلـة المسـامحة هـي الآخـرى لـم تسـلم مـن الصـاروخ الـذي أطلـق علـى مدخـل مسـجد الشـهيد إبراهيـم
المقادمة مسـاء السـبت الثالث من يناير, فقد حصد اثنين من أفراد العائلة, الوالد « عبد الرحمن محمد
المسـامحة» (54عامـا) ونجلـه البكـر» رائـد عبـد الرحمـن المسـامحة «(32 عامـا).
:
117
الزوجة «عائشة إبراهيم المسامحة» (34عاما) تروي التفاصيل
« قبــل صــ ة المغــرب بقليــل توضــأ زوجــي « أبــو رائــد», وجلــس يرتــل بعــض الآيــات مــن كتــاب الله,
ومـع الآذان توجـه برفقـة نجلـه «إبراهيـم» (71عامـا ) إلـى المسـجد, وفـي طريقهمـا وجـدا قريبـا لنـا, كان
لبطــش الاحتـ ل, فطلــب مــن «أبــي رائــد» أن
ً
قــد جــاء برفقــة أقــارب آخريــن، مـن القريــة البدويــة تجنبــا
إ بريقـا للوضـوء, وشـاءت الأقـدار أن يرجـع ابنـي» إبراهيـم» ليحضـر مـا طلبـه
يعطيـه سـجادة للصـ ة و
عـن الصـ ة, أمـا ابنـي «رائـد» فلـم أره منـذ أن توضـأ لصـ ة العصـر.
ً
الرجـل, فتأخـر قليـ
توجهــت مباشــرة إلــى أقاربنــا وطلبــت منهــم أن لا يغــادروا، حتــى يعــود زوجــي مــن الصــ ة, وفــي تلــك
أرجــاء المــكان, فمــا كان منــي إلا أن دعـوت الله بالسـ مة، وحاولــت تقصــي
َّ
هـز
ٌ
ى انفجـار
َّ
اللحظــة دو
الخبـر، فأخبرنـي أحـد الجيـران باسـتهداف المسـجد, فتغلغـل الرعـب فـي قلبـي, هرولـت مباشـرة إلـى البيـت
بأننـي لـم أنـزع الجلبـاب طيلـة أيـام الحـرب خشـية المفاجـآت، حاولـت
ً
أبحـث عمـا أغطـي بـه رأسـي، علمـا
تهدئــة أطفالــي وطلبــت منهــم انتظــار عودتــي, وفــي طريقــي شــاهدت الإســعافات والمطافــئ تتوافــد إلــى
محيـط المسـجد, والجميـع منهمـك فـي انتشـال الشـهداء والمصابيـن.
قــل الجرحــى، وكنــت كلمــا تقدمــت للأمــام، يحثنــي كل مــن أعــرف علــى
ُ
توجهــت للمستشــفى حيــث ن
:» تعالـي نرجـع إلـى البيـت, فرفضـت
ً
العـودة والتـزام البيـت, فجاءنـي ابنـي» إبراهيـم» وأمسـك بيـدي قائـ
وسـألته:» هـل يوجـد شـهداء؟ هـل توجـد إصابـات فـي العائلـة؟»، طبعـا إبراهيـم كان علـى علـم بـأن أبيـه
وأخيـه قـد استشـهدا, حتـى أنـه رافـق أخيـه وهـو يلفـظ أنفاسـه الأخيـرة, ولقنـه الشـهادتين.
- مقابلة أجريت مع «عائشة المسامحة»، يوم السبت 9002/40/11 , في منزلها بمخيم جباليا، شمال قطاع غزة.
117
1...,58,59,60,61,62,63,64,65,66,67 47,48,49,50,51,52,53,54,55,56,...253
Powered by FlippingBook