61
الجنـود مـن الغرفـة، ووقـف بعضهـم بالقـرب مـن النافـذة وصوبـوا أسـلحتهم نحونـا.
وفـي تلـك الأثنـاء بدأنـا نشـم رائحـة حريـق فـي غرفـة والـدي، و ازدادت كثافـة الدخـان لدرجـة أنـه مـ
مـن
ً
الغرفـة التـي كنـا نتواجـد بهـا، وعندهـا طلـب أحـد الجنـود الواقفيـن علـى الشـباك منـا الخـروج جميعـا
بيننـا, وبعـد
ً
أن نجلـس علـى الأرض وكان الوالـد ممـددا
ً
الغرفـة والتوجـه إلـى الحـوش, وطلـب منـا أيضـا
وا أن نخـرج مـن المنـزل، وقـال أحدهـم بلغـة عربيـة ركيكـة لـي ولفهـد: «البـس
�
ق، طلبـ
�
ة دقائ
�
نحـو خمس
أواعيـك الداخليـة»، وبعـد أن لبسـنا ملابسـنا خرجنـا كلنـا.
حمــل «فهــد» أخــي المصــاب «أحمــد» (4 ســنوات) بيــن ذراعيــه, و إلــى جانبــه «فــؤاد» وكان يحمــل
«مهنـد» (سـنتين), وحمـل «فـوزي» أخـي «كنعـان» المصـاب (21عامـا) وكنـت خلفهـم أسـاعد والدتـي
المصابـة علـى المشـي, أمـا «أمـل» و»عبـد الله» فكانـا فـي الوسـط وباقـي أفـراد الأسـرة, ومشـينا ولـم يكـن
مـن الجنـود لأنهـم كانـوا كالجـراد منتشـرين فـي كل مـكان.
ً
يلحـق بنـا أيـا
ت «أمـل» (8 أعـوام) ودخلـت إليـه, فحـاول
�
مـوني” هرب
�
ي “طـ ل الس
�
زل عم
�
اب من
�
ن ب
�
وعندماــ اقتربناــ م
أحـد الجنـود اللحـاق بهـا ولكنـه تراجـع بعـد أن أخذتهـا زوجـة عمـي وقالـت لـه:« إنهـا ابنتـي».
وظل الجنود يصرخون في وجوهنا، وسـرنا حوالي 051 مترا, حتى وصلنا إلى بيت كان يعتليه الكثير
نحـوي
ً
مـن الجنـود فنـادوا علينـا، وقالـوا: «إوقـف هـون» فوقفنـا, ثـم طلـب منـا أحدهـم وبلغـة ركيكـة مشـيرا
وفهــد قائــ : «اخلــع ملابســك» فخلعنــا ملابســنا بالكامــل ثــم أشــار إلينــا باتجــاه الجنــوب, وقــال: «امــش
مــن هـون»، حيــث سـرنا نحــو خمســين متـرا، ثــم دخلنــا إلــى منـزل «ماجــد السـموني» – أحــد أقاربنــا-,
داخـل المنـزل, و كانـوا قـد هربـوا مـن البيـوت المجـاورة ومكثـوا
ً
وهنـاك وجدنـا أكثـر مـن خمسـين شـخصا
فـي المنـزل.
وطيلــة الفتــرة التــي قضيناهــا هنــاك كنــا نتصــل بالصليــب الأحمــر وبســيارات الإســعاف لكــن الإجابــة
كانـت دائمـا أن الجيـش لا يسـمح لهـم بالدخـول ولا يسـتطيعون الوصـول إلينـا, وظلـت والدتـي و»أحمـد»
ينزفان بشـدة نتيجة لإصابتهما, وفي حوالي السـاعة الخامسـة مسـاء استشـهد «أحمد»، وقبل استشـهاده
كان يهــذي بكلمــات «فــرج، افتــح لــي علــى طيــور الجنــة», وهــي قنــاة فضائيــة خاصــة بالأطفــال حتــى
فـارق الحيـاة.
مــع
ُ
مــن ابــن عمــي “محمــد إبراهيــم الســموني” علــى هاتفــي الخلــوي، وقــال لــي:” لقــد ج
ً
تلقيــت اتصــالا
الجميــع فــي بيــت “وائــل الســموني”، وكان يقصــد أعمامــي وأبناءهــم وأحفادهــم، فصعــدت إلــى الطابــق
الأول للمنـزل لأرى مـا يحـدث فـي المـكان، وعندهـا رأيـت طائـرة تسـتهدف المنـزل الـذي جمـع فيـه أقاربـي
مـن الذيـن كانـوا فـي المنـزل يخرجـون منـه ويهربـون باتجـاه الشـمال,
ً
بثـ ث صواريـخ ، وقـد رأيـت عـددا
و بـدأ إطـ ق نـار كثيـف، وأعتقـد أنـه كان أمامهـم وليـس عليهـم مباشـرة, وذلـك لأنـي رأيـت الغبـار يخـرج
مـن الأرض نتيجـة إطـ ق الرصـاص الـذي توقـف بعدهـا بقليـل، وعندمـا لاحظـت أنهـم لـم يقتلـوا وتمكنـوا
مـن مغـادرة المـكان نزلـت إلـى الطابـق الأرضـي, وطلبـت مـن جميـع الموجوديـن فـي المنـزل أن نخـرج
مـن
ُّ
مثلهـم, وبالفعـل خرجنـا واتجهنـا نحـو حـي الزيتـون, و مشـينا حوالـي 5.1 كـم, و كنـا خلالهـا نمـر
بيـن الدبابـات، ووصـل عددنـا تقريبـا إلـى 04 شـخص، وكانـت والدتـي فـي تلـك اللحظـة لا تقـوى علـى
الوقــوف نتيجــة إصابتهــا والنزيــف المســتمر حيــث كانــت الدمــاء تمــ ملابســها، فحملتهــا علــى ظهــري
وحمـل “فهـد” جثـة أخـي “أحمـد” بيـن يديـه.
وأثنـاء مشـينا صـرخ بنـا أحـد الجنـود وقـال لـي: “ارميهـا يـا ابـن…..” وبكلمـات بذيئـة، وكان يقصـد أن