الاستهداف الصهيوني للعائلات الفلسطينية في حرب الفرقان 2009م - page 54

54
2- عائلة العر:
كبـت مجـزرة بشـعة فـي عزبـة عبـد ربـه شـمالي قطـاع غـزة
ُ
وعنـد السـاعة الخامسـة مسـاء هـذا اليـوم، ارت
بالقــرب مــن المقبــرة الشــرقية, حيــث قصفــت طائــرات الاحتــ ل منــزل المواطــن «محمــد موســى العــر»
(أبــو ناهــض) (54عامــا)، مــا أدى إلــى استشــهاده وابنيــه «إبراهيم»(21عامــا), و»راكان» (5أعــوام),
وابنتــه «فــداء» (81عامــا), وزوجــة ابنــه «ناهــض» «إيمــان نمــر العــر» (72عامــا), ولــم يتبــق مــن
العائلة إلا الزوجة «ليلى حسـين نصار» (34عاما) وبناته «نداء» (02عاما), و «سـناء» (61عاما),
و»ياســمين» (41عامــا), والابنــة الصغــرى «ملــك» (عــام ونصــف).
:
114
تروي تفاصيل الجريمة
ً
البنت الكبرى «نداء» ذات العشرين ربيعا
كسـوابقه, يدخـل فيـه جنـود الاحتـ ل بدباباتهـم
ً
« لـم نكـن نتوقـع أو حتـى نتخيـل مـا حـدث, ظننـاه اجتياحـا
ثـم يرجعـون أدراجهـم, إلـى أن جـاء عصـر ذلـك اليـوم الأسـود، حيـث كان الأولاد يلعبـون ويمرحـون حـول
الـدار بطريقـة لـم أعهدهـا مـن قبـل، وعيوننـا ترمـق فرحهـم مـن بيـن خيـوط النـار التـي كنـا نجلـس حولهـا
نصافـح دفأهـا، وفجأة..فجأة..صـاروخ كبيـر ينقـض علـى بيتنـا!!
أخـي «ناهض»وزوجتـه» إيمان»وأخـي «إبراهيـم» فزعـوا مهروليـن، صرخنـا، ولـم ننتبـه وقتهـا للدمـاء التـي
نـا الخـروج مـن البيـت..
َّ
تنـزف مـن أختـي «فداء»..وبـ اتجاه..صـار هم
وبعـد لحظـات انهمـك أخـي الأكبـر» ناهـض» فـي وضـع أختـي المصابـة علـى العربـة (الـكارة), وانشـغلت
أنـا بإنقـاذ الحقيبـة التـي تضـم أوراقنـا الشـخصية مـن بيتنـا الـذي يحتـرق, أمـا أبـي فـكان خيـاره أن يسـتنجد
َّ
شـق
ٍ
انفجـار
ِ ّ
عبـر جوالـه بمـن ظـن أنـه يسـتطيع وصـول المنطقـة, وفـي دقائـق الصدمـة الأولـى، إذ بـدوي
أسـماعنا، هرولـت خـارج البيـت، وكان الهـدف (عريشـة) أبـي، والعربـة هنـاك.. قفـز خيالـي إلـي «أبـي,
«راكان», «إبراهيـم», «فـداء», «ناهـض».. هنـاك هـم الآن, صرخـت بأعلـى صوتـي، وتسـارع الجيـران
لينقــذوا أختــي الصغــرى «ملــك» والدخــان يمــ المــكان، وكان أول مــا رأيتــه هــو جثــة متناثــرة, حدقــت
فـي بقايـا أشـ ئها وقطـع الثيـاب المبعثـرة، فلـم تكـن معالـم الوجـه واضحـة، تيقنـت أننـي أمـام لحـم أخـي
«راكان» ذو الخمسـة أعـوام، ورائحـة لحـم جسـده المحتـرق تزكـم أنفـي، رائحـة لـم تدخـل قامـوس الروائـح
مـن قبـل..
ينــادي (الحقينــي.. الحقينــي)، لــم تســعفني قدمــاي بالوقــوف، لكننــي أدركــت أن
ً
خافتــا
ً
ســمعت صوتــا
ـا، الحقـي فـداء
ّ
ـا.. يم
ّ
الصـوت لإيمـان زوجـة أخـي ناهـض، وبالقـرب منهـا أختـي فـداء، صرخـت:» يم
إ يمـان وراكان», ورأيـت حينهـا أخـي ناهـض والدمـاء تقطـر مـن يديـه، دمـاء أخـي إبراهيـم الـذي استشـهد
و
علــى الفــور، ســألته عــن أخواتــي: «ســناء» و«ياســمين» أخبرنــي بأنهــم هربــوا باتجــاه بيــت الجيــران,
واصلــت صراخــي مناديــة جيراننــا، أن تعالــوا احملــوا معنــا, «إيمــان» هنــا لــم تمــت بعــد، جــاؤوا فحملــوا
«فــداء» و«إبراهيــم» و«إيمــان»، وألقــوا بأغطيــة علــى جثــث الشــهداء المتناثــرة, وأســرعنا جميعــا لبيــت
جارتنــا «أم محمـد العطاونـة»، وعيوننـا تسـترق النظـر لجثـة أخـي راكان المتناثـرة علــى البــاب, وصـار
أخــي ناهــض يصــرخ:» إســعاف، إســعاف، وهــو يركــض باتجــاه الشــارع العــام..
اشـتد القصـف العشـوائي, وتكـرر قصـف منزلنـا, احتـرق بأكملـه, اضطررنـا للبقـاء فـي بيـت جارتنـا خمسـة
- مقابلـة أجريـت مـع عائلـة العـر، يـوم الخميـس 9002/30/92, فـي منـزل أخوالهـم الواقـع خلـف مدرسـة دار الأرقـم النموذجيـة للبنـات ،
114
فــي شــارع الكرامــة، شــمال مدينــة غــزة.
1...,55,56,57,58,59,60,61,62,63,64 44,45,46,47,48,49,50,51,52,53,...253
Powered by FlippingBook