الاستهداف الصهيوني للعائلات الفلسطينية في حرب الفرقان 2009م - page 125

125
البيـت وبـدأت أسـكب المـاء علـى «محمـود» الـذي كان نصـف جسـده السـفلي يحتـرق, وكان خالـي «أبـو
عفيـف» أول مـن هـب لنجدتنـا, وتمكنـا مـن نقـل «محمـود» و أمـي إلـى
خارج المنزل وانتظرنا حتى جاءت سـيارة الإسـعاف, وفي طريقنا إلى المستشـفى لفظت والدتي أنفاسـها
الأخيـرة وبهـذا فارقـت الحيـاة شـهيدة كمـا تمنـت, أمـا «محمـود» فقـد نجـا مـن المـوت بأعجوبـة, وتـم نقلـه
.
«
للعـ ج فـي جمهوريـة مصـر
3- عائلة القرم:
أطلقـت طائـرات الاحتـ ل مسـاء يـوم الأربعـاء أربـع صواريـخ باتجـاه منـزل المواطـن «فتحـي داوود القـرم»
( 24 عامــا) فــي حــي تــل الهــوا فــي مدينــة غــزة، ممــا أدى إلــى استشــهاده وابنــه «عــ ء فتحــي القــرم»
(41 عامـا) ، وابنتـه «عصمـت فتحـي القـرم» (61 عامـا), وأصيبـت ابنتـه «أميـرة القـرم» (51 عامـا)
فـي قدمهـا اليمنـى.
:
190
«أميرة فتحي القرم» الناجية الوحيدة تروي
بعـد أن أدينـا صـ ة العشـاء، قـام والـدي بالخـروج مـن المنـزل فخرجنـا خلفـه مباشـرة فطلـب منـا الدخـول
إلـى المنـزل وعـدم اللحـاق بـه, ولكننـا صممنـا علـى البقـاء خـارج المنـزل حتـى يرجـع، وكان كلمـا حـاول
الخــروج لحقنــا بــه, وطلــب مــن شــقيقتي «عصمــت» أن تعــد الطعــام ثــم جلســوا يتناولــون العشــاء, لــم
أشـاركهم فـي عشـائهم الأخيـر, ثـم طلـب والـدي منـا أن نخلـد إلـى النـوم.
عنــد منتصــف الليــل اســتيقظت علــى صــراخ شــقيقتي «عصمــت» وهــي تقــول: أبــي غيــر موجــود فــي
المنــزل, فذهبنــا نحــو بــاب المنــزل فرأينــا الدخــان يمــ المــكان، وشــاهدنا بعــض الشــباب يهربــون مــن
القصـف، وسـمعنا صـوت صـراخ والـدي, فهـرع «عـ ء» و»عصمـت» إليـه، وكان علـى مقربـة مـن بـاب
طلــق
ُ
المنــزل مغمــى عليــه, فذهبــت للاتصــال علــى الإســعاف وبقيــت «عصمــت» و»عــ ء» عنــده، فأ
، فأغمــى علــي مباشــرة، وبعدمــا أفقــت وجــدت قدمــي مصابــة، فاعتقــدت أنهــا مكســورة،
ٍ
ثــان
ٌ
صــاروخ
فاقتربـت مـن إخوتـي وطلبـت منهـم أن يشـدوا قدمـي لكنهـم لـم يوافقـوا علـى ذلـك، وأنـا أحمـد الله سـبحانه
إ لا بتـرت قدمـي، فأخـذت «عصمـت» تصـرخ «إسعاف،إسـعاف», أمـا
وتعالـى أنهـم لـم يسـمعوا كلامـي و
«عــ ء» فلــم يحــرك ســاكنا فقــد كان مصدومــا، ثــم وقــف هــو و»عصمــت» وابتعــدا عنــا, و بقيــت مــع
والـدي, ومـا هـي إلا لحظـات حتـى سـمعت صـوت قصـف ثالـث, لـم أكـن أعلـم أن القصـف قـد اسـتهدفهما
وأنهمـا قـد استشـهدا فيـه, كنـت أقـول لوالـدي اسـتيقظ نحـن بحاجـة إليـك، ثـم زحفـت وابتعـدت قليـ عـن
أبــي, فــإذا بصــاروخ رابــع يســتهدف بــاب المنــزل, فزحفــت علــى بطنــي إلــى شــرفة المنــزل، لقــد تملكنــي
الخـوف والرعـب مـن ذلـك المشـهد، فقـد كان ركام المنـزل ينهـال علـي و علـى والـدي، وقـد قضيـت تلـك
الليلـة فـي الشـرفة ومـا مـن مسـعف و كنـت لا أعلـم مـا حـل بعصمـت وعـ ء.
فـي اليـوم التالـي أفقـت مـن النـوم وكنـت عطشـة جـدا، فذهبـت إلـى الطابـق العلـوي، ودخلـت إلـى المطبـخ
وأخــذت كــوب مــاء فــارغ، ووقفــت علــى قدمــي اليســرى لأمــ الكــوب مــن الصنبــور، ولحظــة وقوفــي
مباشــرة أغمــي علــي، وبعــد ذلــك أفقــت فنظــرت حولــي فشــاهدت المطبــخ ملــيء بالدمــاء و كــوب المــاء
قــد صبــغ بلــون الــدم، فحاولــت مــرة أخــرى ووقفــت علــى قدمــي وشــربت مباشــرة مــن الصنبــور وبعدهــا
تقيــأت مــا شــربت.
- مقابلة مع «أميرة القرم»، يوم الأربعاء 9002/50/60, في نادي الصحفي الصغير، مدينة غزة.
190
1...,126,127,128,129,130,131,132,133,134,135 115,116,117,118,119,120,121,122,123,124,...253
Powered by FlippingBook