96
يوم الأربعاء الموافق 70/10/9002م :
1- عائلة عاشور:
فـي صبـاح يـوم الأربعـاء قضـت صواريـخ الاحتـ ل علـى الطفليـن الشـقيقين «رضـوان محمـد عاشـور»
(21عامـا), و»عبـد الرحمـن محمـد عاشـور» (11عامـا), مـن حـي الزيتـون بمدينـة غـزة.
:
158
والد الشهيدين «محمد رضوان عاشور» (14عاما) يروي
«بعـد بـدء الاجتيـاح البـري علـى منطقـة الزيتـون تكثـف القصـف الجـوي والمدفعـي الإسـرائيلي, فاختـارت
عائلتـي تـرك المنـزل, وذهبنـا إلـى منـزل أقاربنـا فـي مدينـة غـزة فـي البلـد بالقـرب مـن جامـع صـ ح الديـن,
إ طعامهـا.
�
وكنـت قـد تركـت ورائـي ماشـيتي فرجعـت فـي اليـوم التالـي للاطمئنـان عليهـا و
وفــي اليــوم الثالــث وعنــد الســاعة الحاديــة عشــر ذهبــت أنــا و»يحــي كريــم» المدعــو بأبــي ونيــس علــى
عجــل إلــى المنــزل لتقديــم العلــف للماشــية, وتفقــد المنــزل, وفــي طريــق العــودة ســلكنا طريقــا آخــر غيــر
فــي تلــك الأيــام, فقــد كان الواحــد منــا يمشــي بمفــرده
ً
الــذي جئنــا منــه, لأن الوضــع الأمنــي كان خطيــرا
بعيــدا عــن الثانــي حتــى لــو اســتهدفنا صــاروخ أو قذيفــة ينجــو الآخــر, فســبقني «أبــو ونيــس» بحوالــي
ويطلـب
ً
51 متـرا, وفجـأة توقـف ووضـع يـده علـى وجهـه فاسـتغربت مـن تصرفـه, فـإذا بـه يمشـي مسـرعا
منـي الإسـراع فـي المشـي, وعندمـا وصلـت إلـى المـكان الـذي توقـف عنـده فرأيـت جثـة طفـل ملقـى علـى
وجهــه ولــم أتمكــن مـن معرفــة هويتــه, لكــن مــا لفــت انتباهــي هــو الحـذاء الــذي ينتعلــه حيــث كان يشــبه
حــذاء أحــد أولادي ثــم مضيــت.
وبعــد أن تجاوزنــا منطقــة الخطــر أخــذت أفكــر فــي تلــك الجثــة فصــرت أقــول فــي نفســي وكأنــه ابنــي
«رضـوان», ثـم أسـرعت بالذهـاب إلـى بيـت أقاربـي وسـألت زوجتـي عـن الأولاد, فقالـت لـي كل علمـي
أنهـم برفقتـك, فلـم أرهـم منـذ السـاعة التاسـعة صباحـا, فخرجـت إلـى الشـارع أسـأل الأولاد وأقربائـي عنهمـا
فلـم أجدهمـا.
حينهــا أيقنــت أن تلــك الجثــة تعــود لابنــي البكــر, فرجعــت مــع قريبــي «تهانــي جــودت عاشــور» إلــى
المنطقـة, لكنـه لـم يسـتطع مواصلـة المسـير معـي نحـو الجثـة لخطـورة المـكان, فبقـي بالقـرب مـن «مسـجد
مصعـب», وتوجهـت بمفـردي إلـى مـكان الجريمـة, وهنـاك كانـت الصدمـة قاتلـة فقـد كانـت الجثـة لابنـي
رضـوان, لمـا قلبتـه وجـدت أن الشـظايا قـد نالـت مـن وجهـه الصغيـر ومزقـت ثيابـه, فأخـذت أبحـث عـن
شــقيقه «عبــد الرحمــن» فوجدتــه هــو الآخــر جثــة هامــدة, ولــم يكــن يفصلــه عــن شــقيقه ســوى متريــن,
فحملـت نفسـي وعـدت إلـى المسـجد, حاولنـا طلـب الإسـعاف مـرات ومـرات, و أجرينـا اتصالاتنـا مـع كل
معارفنـا إلا أنهـم أكـدوا لنـا أن المنطقـة خطـرة وغيـر مسـموح لهـم بالوصـول إليهـا.
ــل أحــد شــباب المنطقــة واســمه «إبراهيــم أبــو الخيــر» وتطــوع للذهــاب معــي لإحضــار الجثــث,
َّ
فترج
وقـال لـي أن المقـدر هـو مـا سـيحدث, فأحضـر عربـة حصـان «كارة» ونقلنـا علـى متنهـا الشـهيدين إلـى
المستشـفى, وعنـد العصـر تـم دفنهمـا, وشـاءت الأقـدار أن يستشـهد «إبراهيـم أبـو الخيـر» مـن بيـن كل
أفــراد عائلتــه فــي قصــف اســتهدف منزلــه بعــد ثلاثــة أيــام مــن ذلــك الحــدث.
- مقابلـة مـع «محمـد عاشـور»، يـوم الخميـس 9002/60/81, فـي منزلـه الواقـع فـي أرض عاشـور، مقابـل أرض البرعصـي ، فـي حـي
158
الزيتــون بمدينــة غــزة.