89
بهـا, وذلـك بعـد أن بـدأت قـوات الاحتـ ل فـي اجتيـاح منطقـة المعـري فـي «قريـة القـرارة», ممـا اضطـر
السـكان إلـى إخلائهـا.
:
151
«أم أحمد» والدة الشهيدة «مآثر» تروي
«فــي ذلــك اليــوم ازدادت الأوضــاع الأمنيــة ســوءا, فقــد اجتاحــت دبابــات الاحتــ ل الإســرائيلي منطقــة
مــن المنــازل, ممــا دفــع أهالــي المنطقــة لتــرك منازلهــم واللجــوء
ً
كبيــرا
ً
المعــري فــي القــرارة, ودمــرت عــددا
إلــى مــدارس الوكالــة «الاونــروا» طلبــا للحمايــة, علــى اعتبــار أنهــا تابعــة لأهــم منظمــة دوليــة.
فـي ذلـك اليـوم أتـت ابنـة عمـي «فاتـن أبـو زنيـد» إلـى منزلـي لتحذيرنـا مـن خطـر البقـاء فيـه وضـرورة
الالتجــاء إلــى المدرســة كباقــي العائــ ت, فذهبــت لاســتئذان زوجــي, وذهبــت «مآثــر» أيضــا لاســتئذان
والدهــا, وبعدهــا طلبــت مــن شــقيقتيها «أثيــر» و «رضــا» تجهيــز نفســيهما, وتوضــأت وصلــت ركعتيــن
بجانــب نخلتهــا المفضلــة خلــف المنــزل, والتــي كانــت تحــب الجلــوس تحتهــا تصلــي وتســبح, وبعــد أن
انتهينـا مـن تجهيـز أنفسـنا خرجـت وبناتي»مآثـر» و»رضـا» و»أثيـر» بالإضافـة إلـى ابنـة عمهـم «فاتـن»
تثاقلـت قدمـاي
و كانـت الشـوارع خاليـة مـن الحركـة, وسـبقتنا «مآثـر» و»فاتـن» فـي المشـي, أمـا أنـا فقـد
عن المشـي, وكانت ابنتي «رضا» تسـتعجلني, وفي تلك الأثناء سـمعت صوت الزنانة, فرفعت رأسـي
أنظـر إليهـا, فرأيـت الصـاروخ وهـو ينـزل وقـد مـر بالقـرب منـي, و انفجـر أمـام عينـاي, ثـم أغمـي علـي
ولـم أسـتوعب مـا حـدث, و بقيـت علـى الأرض لعشـر دقائـق تقريبـا, واسـترجعت وعيـي, فحاولـت الوقـوف
للنجـدة, فخـرج بعـض الشـباب مـن
ً
علـى قدمـاي مـرة أخـرى, لكنـي عجـزت, وكنـت أصـرخ وأنـادي طلبـا
أحـد البيـوت, فأخـذت ألـوح لهـم بيـدي وأترجـم لهـم مـا حـدث, ومـا هـي إلا لحظـات حتـى امتـ المـكان
بالناس, الذين هرعوا من المدرسـة لإسـعافنا, وذهبت إلى مكان القصف وأخذت أبحث عن بناتي, كان
حيـث رأيـت أشـ ء لا أعرفهـا والدمـاء تمـ المـكان, فصرخـت بأعلـى صوتـي «بناتـي..
ً
المشـهد مؤلمـا
بناتـي», اعتقـدت أنهـن قـد استشـهدن كلهـن.
أكثــر مــن أشــ ئهن وتعرفــت علــى ابنتــي «مآثــر» مــن جلبابهــا الممــزق, والــى جانبهــا كانــت
ُ
اقتربــت
«فاتن», وبقيت سـاعتين ألملم الأشـ ء المتناثرة حتى وصلت سـيارة الإسـعاف, وانتقلنا إلى المستشـفى,
ومـن هـول مـا رأيـت نسـيت بنتـاي «أثيـر» و»رضـا» ولـم أتذكرهمـا إلا وأنـا فـي سـيارة الإسـعاف, فطلبـت
مـن السـائق أن يعيدنـي للبحـث عنهمـا, ولكنـه واصـل طريقـه إلـى المستشـفى, وبعدمـا وصلنـا رجـع إلـى
مـكان القصـف وعـاد بعـد سـاعة وأكـد لـي أنهـا غيـر موجـودة, فألححـت عليـه بـأن يرجـع ويبحـث جيـدا,
وعـاد لـي بابنتـي «أثيـر».
لقـد كان صعبـا جـدا علـي أن أرى ابنتـي وابنـة عمـي عبـارة عـن أشـ ء متناثـرة, وابنتـي الآخـرى مفقـودة,
والثالثـة تحـت تأثيـر الصدمـة, لكـن الله ألهمنـي الصبـر.
ولحــق بــي زوجــي إلــى المستشــفى, فبعدمــا ســمع صــوت القصــف أدرك أننــا نحــن المســتهدفين, وكان
فلـم يصـدق مـا حـدث لنـا, وكان فـي حالـة يرثـى لهـا, وأخـذ يبحـث عـن بناتـه وخاصـة «مآثـر»
ً
مصدومـا
و كأنــه أحــس بفقدانهــا, ولقــد كانــت ابنــة بــارة بنــا وكانــت تســهر مــع والــده باســتمرار يتســامران وكانــت
دائمــا تمدحــه بأجمــل الكلمــات.
- مقابلـة مـع «أم أحمـد» والـدة الشـهيدة «مآثـر أبـو زنيـد» فـي يـوم الاربعـاء9002/30/52, فـي بيتهـا الكائـن فـي قريـة القـرارة ، منطقـة
151
المعــري -خــان يونــس، جنــوب قطــاع غــزة .