95
بإجـراء إسـعاف أولـي لـي, وبـدأت تتضـح إصاباتـي، فـكان إصبـع يـدي اليمنـى قـد كسـر، وكنـت كذلـك
مصابـا فـي بطنـي، ولـم أكـن منتبهـا لـكل تلـك الإصابـات إلا بعـد أن أفقـت بعـد عمليـة أجريـت لـي.
وبينمــا كنــت أرقــد علــى الســرير فــي مستشــفى الشــفاء حضــر صديــق عمــي حســين واســمه «فــادي
شــحادة» وكان معــه شــخص آخــر لا أذكــره, فســألته عــن الأهــل، ليجيبنــي بأنهــم بخيــر, أعــدت الســؤال
مــرة أخــرى، فــكان نفــس الــرد, لــم يكــن يعلــم أننــي كنــت فــي قلــب المجــزرة, وأنهــا محفــورة فــي ذاكرتــي,
وفــي اليــوم التالــي حضــر عمــي «عصــام»، فســألته عــن أبــي، فطلــب منــي الدعــاء لــه بالرحمــة, وبــدأ
يعـد لـي الذيـن استشـهدوا مـن عائلتـي الواحـد تلـو الآخـر: أبـوك و أخويـك «محمـد» و»عصـام», وأختـك
«فاطمــة», وزوجــة عمــك «أمــال» وأولاد عمــك، وأخيــرا الجــدة «شــمة», أمــا الجرحــى فبالإضافــة إليــك
.
»
وابــن عمــك «حســين», فقــد أصيبــت «أحــ م» زوجــة أخيــك «محمــد»
81- عائلة المدهون:
وفي نفس القصف الذي اسـتهدف مدرسـة الفاخورة سـقط الشـهيدين «عطية حسـن المدهون»(55عاما),
وابنـه «زيـاد» (33عامـا), مـع العلـم أن هـذه العائلـة قـد فقـدت فـي السـنوات الماضيـة الشـهيدين «هانـي
عطيـة المدهـون» و «حسـن عطيـة المدهـون».
«جيهـان عطيـة المدهون»(62عامـا) ابنـة الشـهيد تـروي آخـر اللحظـات التـي عاشـتها مـع والدهـا
:
157
وشـقيقها «زيـاد» قائلـة
«كنـا قـد أخلينـا المنـزل قبـل الجريمـة بخمسـة أيـام واتجهنـا نحـو مدينـة غـزة إلـى بيـت خالتـي بحـي الشـيخ
قصـف المسـجد المجـاور لبيتنـا, بعدمـا لاحظنـا أن المسـاجد مـن ضمـن
ُ
مـن أن ي
ً
رضـوان, وذلـك خوفـا
الأماكــن المســتهدفة فــي هــذه الحــرب, وفــى الليلــة الخامســة تــم اســتهداف منــزل عائلــة «أبــو عســكر»
القريــب مــن منزلنــا, وفــي صبــاح ذلــك اليــوم أبلغنــا الجيــران بــأن منزلنــا قــد تضــرر بشــكل كبيــر جــراء
إ صــ ح مــا يمكــن إصلاحــه, وجدنــا كل ركــن فــي البيــت قــد تضــرر, الأبــواب
�
القصــف, فذهبنــا لتفقــده و
مخلوعــة والنوافــذ مكســورة والزجــاج قــد مــ المــكان, بالإضافــة إلــى انهيــار بعــض الجــدران, ورغــم هــذا
تقبلنـا الوضـع وقلنـا الحمـد لله, حتـى أن والدتـي قالـت العبـارة المشـهورة عندنــا « تيجـي فـي المـال، ولا
تيجــي فــي العيــال «.
وعنـد الظهـر وبعـد أن أكملنـا عملنـا, جلـس والـدي فـي باحـة المنـزل يعـد الشـاي علـى البابـور لعـدم وجـود
ـوا الظهـر, لـم نمكـث فـي المنـزل فتـرة
ُّ
الغـاز, أكلنـا وشـربنا الشـاي, وبعدهـا اغتسـل والـدي وأخوتـي وصل
طويلـة, فبعـد أن صلينـا رجعنـا إلـى بيـت خالتـي, عندمـا ركبنـا السـيارة طلبنـا مـن والـدي أن يذهـب معنـا،
أتريدوننـي أن أذهـب إلـى المـوت معكـم, لـم يكـن يعلـم أن المـوت ينتظـره عنـد بـاب
ً
علينـا مازحـا
َّ
لكنـه رد
المنـزل, أمـا أخـي زيـاد فقـد توجـه إلـى بيـت أنسـبائه لأن زوجتـه وأولاده هنـاك, وفـي طريقـه إليهـم وعنـد
لهـا قولي:»الحمـد
ً
مدرسـة الفاخـورة بالضبـط كان يكلـم زوجتـه علـى الهاتـف ليطمئنهـا علـى حالـه, قائـ
مـن أمامـي صـاروخ ولـولا سـتر ربـي لكنـت قـد استشـهدت, وبعـد
َّ
لله علـى سـ متك لأنـه وقبـل دقائـق مـر
منـه, أمـا والـدي فقـد استشـهد
ً
أن أقفـل الهاتـف, جاءتـه القذيفـة القاضيـة, واستشـهد هـو ومـن كان قريبـا
هـو الآخـر فـي نفـس الوقـت لأن جنـود الاحتـ ل أطلقـوا أربـع قذائـف متتاليـات باتجـاه المدرسـة».
- مقابلـة مـع «جيهـان عطيـة المدهـون، يـوم الاربعـاء9002/40/51, فـي منـزل عائلتهـا القريـب مـن مدرسـة الفاخـورة فـي مخيـم جباليـا،
157
شــمال القطــاع.