91
علــي مــن بعيــد وبصــوت خافــت ومتقطــع:« أمــي أنــا جريــح وأبــي قــد
ّ
«محمــد» أيــن أنــت يــا بنــي, فــرد
بشـظايا فـي جسـمه, ومـا إن هممـت بالذهـاب إليـه حتـى سـقطت قذيفـة أخـرى
ً
استشـهد», وكان مصابـا
علـى المـكان, فرجعنـا إلـى المطبـخ, واختبأنـا فيـه.
وتواصــل القصــف علينــا ولــم أتمكــن مــن الخــروج لانتشــال الجثــث أو حتــى الاطمئنــان علــى ابنــي
«محمــد», وبقينــا حوالــي ثــ ث ســاعات فــي المنــزل, وكنــا خائفيــن ومرعوبيــن, وأخذنــا نتشــهد علــى
أرواحنـا, وكنـا طيلـة الوقـت ننـادي علـى جيراننـا وهـم أبنـاء عـم زوجـي لكـي يسـعفونا, ولـم يتمكـن أحـد
منهــم مــن المجــيء إلينــا نظــرا لكثافــة القصــف.
وبعــد الســاعة العاشــرة والنصــف تمكــن ابــن عــم زوجــي «عصــام عــزام» المكنــى « بأبــي يوســف» مــن
التســلل إلينــا, وســألني مــا إذا كان عندنــا إصابــات فقلــت لــه عندنــا الأشــ ء، فقــط وابنــي «محمــد» لا
بـه, وعلـى عجـل أخذنـا إلـى منزلـه, وحاولنـا الاتصـال علـى سـيارات الإسـعاف إلا أنهـم
َّ
أعـرف مـا حـل
لــم يتمكنــوا مــن الوصــول إلينــا, وعنــد العصــر تمكــن «أبــو يوســف» وابنــي «صقــر» مــن الذهــاب إلــى
العريشـة ولملمـا أشـ ء زوجـي و«حسـن», ووجـدوا «محمـد» قـد استشـهد هـو الآخـر وكانـت جثتـه كاملـة
غيـر أن رأسـه قـد شـج وتدلـى مخـه منـه, وبعـد لملمتهـم غطوهـم بغطـاء وتركوهـم جانبـا.
وفـي اليـوم التالـي تمكنـا مـن اللجـوء إلـى مدرسـة «أبـو عريبـان» التابعـة لوكالـة غـوث للاجئيـن فـي مخيـم
«النصيـرات», وبعـد وصولنـا أخـذ «صقـر» و«أبـو يوسـف» عربـة كارو وأحضـرا جثـث الشـهداء, وتـم
قلـت
ُ
دفنهـم عنـد المغـرب, دون أن أتمكـن مـن وداعهـم, ومـع الضغـط النفسـي ومـن هـول مـا حـدث لنـا ن
إلـى المستشـفى وهنـاك عرفـت بأنـي حامـل».
41- عائلة جدوع:
قضـت صواريـخ الاحتـ ل علـى ثلاثـة أشـقاء مـن عائلـة جـدوع بعـد اسـتهداف منـزل جيرانهـم الملاصـق
لمنزلهــم فــي حــي الصبــرة بمدينــة غــزة, والشــهداء هــم: «غــازي عونــي جــدوع» (42عامــا), و «لطفــي
عونـي جـدوع» (91عامـا), و»هاشـم عونـي جـدوع» (81 عامـا), كمـا أصيـب الشـقيقان «وسـام عونـي
جـدوع» و»عبـد الفتـاح عونـي جـدوع».
:
153
والدة الشهداء تروي
علـى منـزل عائلـة «بدويـة» الملاصـق لمنزلنـا بصـاروخ
ً
تحذيريـا
ً
«أطلقـت طائـرات الاحتـ ل صاروخـا
تحذيــري, فشــعرنا بالرعــب والخــوف, فأخــذ أبنائــي الشــباب يجمعــون إخوتهــم الصغــار ليبعدوهــم عــن
الخطــر, ثــم نزلنــا إلــى الأســفل وبقــي «غــازي» و»هاشــم» و»لطفــي» و»وســام» و»عبــد الفتــاح» فــي
الطابـق الرابـع وكانـوا يتأهبـون للنـزول, وفـي تلـك الأثنـاء قصـف منـزل الجيـران المجـاور, فلـم يسـلم أبنائـي
طـع رأسـه علـى الفـور, و ابنـي «لطفـي» الـذي مزقـت
ُ
مـن ذلـك القصـف فاستشـهد ابنـي «هاشـم» الـذي ق
الشـظايا صـدره أمـا ابنـي «غـازي» فوقـع مـن الطابـق الرابـع واستشـهد علـى الفـور, وأصيب»عبـد الفتـاح»
بشـظايا و فقـد عينيـه الاثنتيـن, أمـا «وسـام» فقـد فقـد إحـدى عينيـه وتشـوه وجهـه وأصيبـت يـده اليمنـى.
وتمكـن أحـد أبنـاء الجيـران مـن نقـل الجرحـى بسـيارته إلـى مستشـفى الشـفاء, لأن سـيارات الإسـعاف لـم
تسـتطع الوصـول إلينـا إلا بعـد مـرور سـاعة كاملـة.
- مقابلة مع والدة الشهداء، يوم الخميس 9002/20/50, في بيتها في حي الصبرة ، بمدينة غزة.
153