136
: إســعاف, أنــا مصــاب, وســمعت الجنــدي يقــول لــه: «اســكت
ً
ســمعت ابنــي «إبراهيــم» يصــرخ قائــ
أحسـن مـا أطخـك», فطلبـت مـن «إبراهيـم» أن يصمـت, ويزحـف نحـو الجـدار, فقـال لـي: «يـا بـا اتصـل
بالإســعاف», فأجبتــه بأنــي لا أعــرف الرقــم, فقــال لــي 101, فناولتــه المحمــول ليتصــل هــو لأن يــدي
إ لا أطخــك, ارم التليفـون» فرمــى إبراهيــم
�
كانــت مصابــة, وصـرخ عليــه الجنــدي مـرة أخـرى «لا تتكلــم و
المحمــول وجلــس وكان ينــزف...
صرخت..ناديـت علـى الجنـود أنـا انـزف وابنـي ينـزف, أحضـروا لنـا مسـعف أو ضمـادة أو أي إسـعاف»
فقالـوا: «اسـكت أو كلـم أمبيولانـص», فاتصلـت علـى الرقـم الـذي أعطانـي إيـاه ابنـي, وأخبرونـي بأنهـم لا
يسـتطيعون الوصـول إلينـا, وطلبـوا منـي أن اتصـل علـى الصليـب الأحمـر لأنـه الوحيـد الـذي يسـتطيع
إ سـعافنا.
�
التنسـيق مـع قيـادة الجيـش, ورغـم هـذا فلـم يسـمح لهـم بالمـرور إلينـا و
الرحمة يا عالم
ظـل الوقـت يمـر, وولـدي ينـزف, و»كسـاب» نائـم علـى بطنـه ولا أدري مـا حـل بـه أهـو حـي أم ميـت,
فحاولـت الزحـف باتجاهـه, فخاطبنـي أحـد الجنـود بـأن لا أتحـرك وأطلـق رصاصـة تحذيريـة علـي.
يبعـد عنـا قرابـة «04 متـرا» علـى الأكثـر, وكنـت أراهـم رأي العيـن ويرونـي,
ً
لقـد كان الجنـود يحتلـون منـزلا
وأسـمعهم ويسـمعوني, لذلـك ناديـت عليهـم وقلـت لهـم: «الولـد ينـزف حـرام عليكـم ابعتـوا مسـعف يقـدم لـه
أي شـيء», وفـي الوقـت ذاتـه اتصلـت بالإسـعاف أكثـر مـن 02 مـرة لدرجـة أنهـم قالـوا مـا باليـد حيلـة,
ســوف نحيــل مســألتك إلــى الإعــ م, وتقــدم الوقــت واقتــرب الغــروب, وبــدأ الجــو يبــرد ونحــن فــي فصــل
الشــتاء, وظــل ولــدي الصغيــر كل خمســة دقائــق ينادينــي ويرجونــي «اتصــل يــا والــدي علــى 101»
واتصلـت بنـاء علـى صرخاتـه ورجائـه, ولكـن دون جـدوى, فقـد أخبرونـي بأنهـم يقـدرون صعوبـة حالتـي,
وطلبـوا منـي أن أبقـي هاتفـي الخلـوي مفتوحـا, كـي تتصـل بـي وسـائل الإعـ م والإذاعـات المحليـة كـي
الظـ م ومـا مـن فائـدة سـوى اتصـالات مـن
َّ
أشـرح الحالـة وأوجـه المناشـدة, لعلهـم يجـدون مخرجـا, وحـل
كل مـكان, الإذاعـات المحليـة أو قنـاة فضائيـة, أو منظمـة حقوقيـة, وجهـات أخـرى.
رأيــت بعــض القطــط تحــوم حــول ابنــي البكر»كســاب», تجــرأت وزحفــت باتجــاه ولــدي الكبيــر فنهرنــي
أحـد الجنـود ونـادى علـي بلغـة عربيـة «ارجـع مكانـك سـوف أطخـك», فأجبتـه حينهـا «افعلهـا إذا بـدك»,
علــى الأرض, فبحثــت عــن إصابتــه, وتأكــدت حينهــا مــن موتــه
ً
اقتربــت مــن «كســاب» وجدتــه ملقــى
واحــد عــن الســيارة,
ٌ
وتصلــب جســده, فقلبتــه علــى ظهــره وغطيــت وجهــه بمعطفــه, وكان يفصلــه متــر
وقلـت فـي نفسـي:»مات كسـاب وبقـي إبراهيـم أو عبـاس كمـا اعتدنـا أن نناديـه», ورجعـت إلـى «إبراهيـم»
فسـألني عـن شـقيقه, فأخبرتـه بأنـه قـد استشـهد, فقـال لـي: «هـل أنـت راض عنـه يـا أبتـي؟», فقلـت لـه:
تــل ظلمــا وغــدرا».
ُ
«وكيــف لا أرضــى عــن شــهيد ق
فعـاد وطلـب منـي أن اتصـل علـى 101 , فقلـت لـه «سـوف أطلبهـم وتكلـم أنـت معهـم لعلهـم يهتمـون,
، وطلبـوا منـي أن لا اتصـل
ً
وتكـرارا
ً
لكنـه أخبرنـي بأنـه غيـر قـادر علـى الحديـث, فاتصلـت واتصلـت مـرارا
مـرة أخـرى لأنهـم لا يقـدرون علـى تقديـم أي شـيء لنـا, فقلـت لهـم: «أنـا اسـتنجد بكـم وأنتـم لا تحترمـون
الإنسـان ولا الإنسـانية», فكانوا يجيبون بلغة الضعيف ويقسـمون بالله أنهم لا يقدرون, أما أنا أصدقتهم
أم لـم أصدقهـم فالأمـر سـيان عنـدي.
أمــا إبراهيــم فأخــذ يســألني مـرة وأخـرى «راضــي يــا أبويــا عنــي», وأنــا أقــول لــه راضــي يــا ابنــي», وخيــم