15
وكان التوجه الإسرائيلي العام على مدى سنوات الاحتلال، نحو التقليل من
الأهمية العملية لقوانين حقوق الإنسان، مقاب
ل تفضيل الاعتبارات الأمنية والعسكرية
والسياسية، لكن الأمر الملفت بصورة خاصة في التطور التاريخي للانتهاكات
الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني، هو ذلك الطابع التفاخري الإعلاني والفوري
الذي يقترن بهذا الانتهاك، حيث تسعى "إسرائيل" لتأكيد بطشها وقدرتها على
مجا
فاة المنطق، وانتهاك الأخلاقيات والأعراف الدولية، عبر الميل الاستعراضي
الفج لهذه الانتهاكات، وما تلقاه من اهتمام واعجاب داخل المجتمع الصهيوني.(
5
)
وهذا ما يجعل الباحثين في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين،
ي
تجنب ذكر هذه الانتهاكات بمعزل عن الرجوع إل
ى سياسة الاحتلال ذاتها، لأن
عدم الرجوع إليها يعني قبول الإطار الذي وضعته سلطات الاحتلال، لكن بمعزل
عن القرينة السياسية الأوسع تخرج الصورة مشوهة، فالتقدير الصحيح لوضع
الفلسطينيين لا يتأتى بوضع قائمة تعدد طلاب المدارس الذين جرحوا أو قتلوا، إذ
لو كان وضع مثل
ً
هذه القوائم يعكس الوضع الصحيح، لترتب على هذا منطقيا
القول أنه لو مارس الجيش الإسرائيلي المزيد من ضبط النفس في معاملة السكان،
لسار كل شيء على ما يرام.
وتؤدي تلك الملاحظة إلى استنتاج لا شك فيه، يؤكد على حقيقة أن مثل
هذا الانتهاك حتمي ما دامت "إسرائيل" تحتل
أراضي يقطنها سكان يعارضون
الاحتلال، وأن الانتهاكات لن تنتهي إلا بنهايته، وأصبح هذا الاستنتاج أقرب إلى
عند احتلال قطاع غزة عام
ً
، فإن ما حدث فعلا
ً
الحقيقة، ولاكتمال الصورة فعليا
5108
أنها اتبعت
–
وما زالت تتبع
-
سياسات تقوم على اتخاذ مواقف ملموسة
ومحددة جيد
تجاه المنطقة التي استولت عليها، وتجاه سكانها، وليس أمامنا إلا أن
ً
ا
5
) المسـيري، عبــد الوهــاب، موسـوعة اليهــود واليهوديــة والصـهيونية، دار الشــروق، القــاهرة، ط
5 ،
، ص8 ، ج 1115
510.