17
ذلك، أو حتى الاحتجاج عليه، هذه هي الأوضاع التي سادت في الأراضي
المحتلة منذ أن وطئت أقدام أول جندي إسرائيلي أرض غزة.
وقد شكلت العقوبات الجماعية المفروضة على
قرى بأكملها، أو على
الأسر، أو على مخيمات اللاجئين، وكذلك العقوبات الاقتصادية التعسفية والواسعة
النطاق، من السمات التي اتسمت بها جهود الاحتلال الإسرائيلي للقطاع لتجفيف
بحر التعاطف والتوحد الشعبيين مع أعمال المقاومة الفلسطينية، فقد قامت
إستراتيجيته على افتر
اض أن معارضة الفلسطينيين للاحتلال يمكن القضاء عليها
ً
باللجوء لما يعتبره استعمالا
ً
حصيفا
للقمع، وأن المقاومة تقتصر على عدد ضئيل
من المتطرفين أو عملائهم.(
5
)
وربما من مفارقات القدر، أن تكون سنة
5177
وهي السنة الفعلية
لانطلاق انتفاضة الحجارة، هي ذاتها السنة ال
تي احتفل فيها العالم بمرور أربعين
ً
عاما
على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقد تميزت هذه السنة بهجمة شرسة
من نوعها على حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة وقطاع غزة، تعرض خلالها
الفلسطينيون في وطنهم المحتل لكل أنواع الممارسات القمعية التي أصابتهم في
أشخاصهم وم
متلكاتهم وحرياتهم ومقدساتهم.
وقد اتخذت قوات الاحتلال الإجراءات والتدابير القمعية للحد من امتداد
المقاومة من قطاع غزة إلى باقي الأراضي المحتلة، وهدف العسكريون الإسرائيليون
من وراء استخدام الوسائل القمعية، لتحقيق ما وصفوه بسياسة الردع، وبالتالي
أصبح إطلاق ال
نار على المتظاهرين العزل، وابعاد المدانين بلا أي دليل عن
وطنهم، والاعتقال الإداري بلا تهمة ولا تحقيق، والأحكام العسكرية المبالغ في
قسوتها، وهدم بيوت المشتبه فيهم، وفرض حظر التجوال، وتبديل الهويات، ومنع
الصحافيين من رؤية الحقيقة، وتحطيم أبواب المحال التجاري
ة، وتخفيض رواتب
53
) أفينر، أوري، انتفاضة، مكتبة بيت إيل، ط
5 ،
، ص 1115
34.