149
يوم الأحد الموافق 81\10\9002م :
1- عائلة أبو النجا:
أطلقــت دبابــات الاحتــ ل قذيفتيــن باتجــاه شــقة الســفير الفلســطيني الســابق بدولــة
بعــد فجــر يــوم الأحــد
السـنغال «جبـر أبـو النجـا»، الواقعـة فـي بـرج الأطبـاء فـي تـل الهـوا، مـا أدى إلـى استشـهاد زوجتـه «رقيـة
أبــو النجــا» (55 عامــا )، وزوج ابنتــه المصــور الصحفــي «إيهــاب الوحيــدى» (53 عامــا)، وأصيبــت
ابنتـه «إحسـان أبـو النجـا» (92 عامـا) بشـظايا فـي مختلـف أنحـاء جسـدها.
:
212
«إحسان جبر أبو النجا» تروي
مـع بدايـة الحـرب علـى غـزة حـدث انقطـاع متواصـل للكهربـاء عنـا، ونفـدت الميـاه مـن منزلنـا, فاضطررت
وزوجــي «إيهــاب» للذهــاب إلــى شــقة عائلتــي الواقعــة فــي «بــرج الأطبــاء» بحــي تــل الهــوا، و المــزود
بمولـد كهربـاء يتـم تشـغيله عنـد السـاعة السادسـة صباحـا.
جلســت مــع زوجــي ووالدتــي المغربيــة
ً
فــي ذلــك اليــوم, وعنــد الســاعة الخامســة صباحــا
ً
اســتيقظنا باكــرا
الأصــل فــي شــرفة شــقتنا (البلكونــة)، والتــي لا يتجــاوز طولهــا 04متــر وعرضهــا 3 أمتــار، و كانــت
الأوضـاع الأمنيـة هادئـة، ولـم يكـن هنـاك قصـف أو إطـ ق نـار يدعونـا للخـوف والدخـول إلـى الشـقة,
وكانــت المنطقــة خاليــة مــن حركــة ســاكنيها.
ذهبــت لإيقــاظ والــدي «جبــر أبــو النجــا» ليصلــي الفجــر, ثــم رجعــت إلــى الشــرفة, فرفعــت بصــري نحــو
و كانــت تطلــق قنابــل مضيئــة لونهــا أحمــر، فاســتغربت وســألت
ً
الســماء فلمحــت طائــرة تحلــق بعيــدا
منـا،
ً
«إيهـاب» عنهـا, فقـال لـي هـذه صواريـخ مضـادة، وكانـت تحـوم فـي الأجـواء طائـرة اسـتطلاع قريبـا
وجلسـت علـى الكرسـي بالقـرب مـن زوجـي ووالدتـي، وكنـت أرى كل شـيء مـن أمامـي، أمـا همـا فقـد وقفـا
إلـى جانـب بعضهمـا علـى الشـرفة, يسـتمعان إلـى الأخبـار عبـر المذيـاع.
ومـا هـي إلا ثـوان حتـى انطلقـت قذيفـة مـن دبابـة متواجـدة فـي مفتـرق الشـهداء، وقـد رأينـا فوهـة المدفعيـة
مصوبـة نحونـا وذلـك لعـدم وجـود حواجـز تعيـق النظـر لأن المسـاحة أمامنـا كانـت خاليـة
انتباهه
ً
ولا توجد بنايات أخرى تعلونا, إضافة إلى أن الشـقة في الطابق السـابع، و»إيهاب» كان مركزا
أننـا
ً
علـى الدبابـة، فقـال لنـا: «شـوفوا، شـوفوا» وكانـت القذيفـة أسـرع مـن كلماتـه، ولـم نكـن نتوقـع أبـدا
الهــدف, أذكــر أننــي وقعــت علــى الأرض ولــم أســتطع التحــرك, فرفعــت إصبعــي وأخــذت أتشــهد علــى
روحـي، وكنـت أسـمع صـوت شـيء يحتـرق وكانـت الرائحـة كريهـة, وفـي تلـك الأثنـاء لـم أكـن أعلـم مـا
حـل بوالدتـي وزوجـي.
ودخــل علــي ابــن جيراننــا «أحمــد» وحملنــي فنظــرت إلــى الناحيــة الآخــرى فوجــدت والدتــي أشــ ء،
فصرخـت «مامـا يـا «أحمـد» مامـا», فأخرجنـي مـن الشـرفة, ثـم تذكـرت «إيهـاب» وقلـت لـه:» أيـن هـو
«إيهــاب»؟ لقــد كان معنــا، أيــن ذهــب؟.
لـم تكـن عائلتـي علـى علـم بـأن «إيهـاب» كان فـي الشـقة سـاعة القصـف, ولا يعلمـون أن والدتـي كانـت
والكهربــاء قــد فصلــت فلــم يتمكنــوا مــن رؤيــة شــيء وظنــوا أنــي
ً
أيضــا إلــى جانبــي, وكان الجــو معتمــا
المتضـرر الوحيـد, وعندمـا جـاءت سـيارة الإسـعاف أكـدت لهـم أن والدتـي و»إيهـاب» كانـا إلـى جانبـي
«إحسان جبر أبو النجا»، في منزلها بالقرب من مجلس الوزراء, حي تل الهوا، مدينة غزة.
- مقابلة مع
212